الثلاثاء، 8 فبراير 2011

سرقة الغضب د. باسم خفاجي

يظن البعض – بحقارة – ومعذرة على الصراحة، أن الأفضل من أن تصنع ثورة .. هو أن تسرق واحدة!  وإذا غضب الشباب في مصر وتحققت نتائج مبهرة لهذه الغضبة، فلماذا لا نتقاسم نحن – هكذا يقولون ويفعلون – هذه الكعكة الجديدة من المكاسب والفوائد .. سيجتمع الكل على شكر الشباب وتقدير غضبتهم كما سيجتمعون أيضاً على سرقة تلك الغضبة، فلصوص الثورات كثر، ومختلفون في المشارب والتوجهات، ولكنهم يجتمعون ويتوحدون مرحلياً عندما توشك ثورة على النجاح لكي يقتنصوا الفرصة ويسرقوا الثورة .. فهل أنت من لصوص الثورات .. وممن يسرقون الغضب؟  إليك أكتب هده الكلمات .. وأبدأها بكلمة واحدة: استح !
إذا كنت إسلامي ترغب في أن تستعيد الشرعية التي سحبها النظام منك .. فلا تسرق غضبة الشباب .. ولا تتسلق عليها كي تجلس اليوم في مقاعد مجلس الوزراء – والفرح يكلل كل ملامح وجهك - فرحاً بشرعية زائفة ومؤقتة تقدم لك كي تبيع قضية وطن .. استح !
إذا كنت من الحزب الحاكم .. وكان مغضوباً عليك فيما سبق .. وأعادوك اليوم للواجهة .. وفرحت بمنصب لا قيمة حقيقية له .. فلا تتسلق على أكتاف الشهداء .. فوالله إنها دماء غالية أن يستخدمها أحد ليجني أضواء ستخفت قريباً .. ولن يبقى بعدها سوى الندم على فعلة شنعاء .. سرقة جهد الغير .. بالله عليك .. أقول لك .. استح !
وإذا طلب منك اليوم أن تمثل نظاماً غضب عليه ملايين البشر .. وأنت تعرف كم فعل من جرائم وموبقات .. وأنت تعرف أن في كل أصابعه دماء شباب غض .. وأموال مغتصبة .. وأعراض منتهكة .. وكرامة شعب قد سلبت .. فلا تمثل هذا النظام .. ولا تضع اسماً كريماً احتفظ الشعب المصري له بالمحبة والتقدير والاحترام طوال عقود مضت .. بالله عليك لا تضع هذا الاسم ضمن قائمة لصوص الثورة .. أستحي أن أقولها لك .. ولكن الحق أحق .. والعبارة في محلها .. استح !
وإذا كنت من تلك الأحزاب التي استمدت ذات يوم وجودها من نظام كان يمنحها الشرعية والمليون جنيه سنويا .. فلا تقفز على الساحة وتصدق أن لك حزباً .. ولا تجمع مع خزي رئاسة حزب بلا شعبية  .. جريمة سرقة عمل لم يكن فيه جهد ولا نضال ولا جهاد ولا كفاح ولا حتى مشاركة .. لا تقفز على الثورة لتقتنص مكاناً لن يؤرخ له إلا في صناديق قمامة التاريخ .. فلا تخدع نفسك .. وبالله عليك .. استح !
وإذا عدت هذه الأيام إلى عملك كظابط شرطة .. فلا تنتقم .. ولا تثأر لوهم .. ولا تضيع آخرتك .. ولا تقتل أبناء وطنك .. ولا تحمل جريمة جديدة بدعوى أنك تحمي نظام .. أنت مطلوب منك أن تحمي شعب .. وأن تحمي دولة .. لا أن تحمي شخص .. لا أن تحمي وهم .. لا أن تحمي كذبة.  لا تحاول أن تجعل من نفسك بطلاً زائفاً للمرحلة القادمة .. بأن تقفز فوق الثورة .. وتقدم خدمات القمع لمن يرغبون في الانتقام في المرحلة القادمة .. بالله عليك .. استح !
وإذا كنت من السياسيين والإعلاميين ممن كنت دائماً تلعب دور المعارض والمناهض .. فلا تخلع هذا الثوب الآن ليظهر ثوب السارق للثورة.  أيليق بك أن تجلس في الفضائيات اليوم لكي تقتسم جزءاً من كعكة الثورة .. لكي يكون لك نصيب من الارتزاق على دماء شهداء ومعاناة شباب اجتمعوا لحب مصر .. ودهستهم سيارات الأمن لأنهم يحبون مصر .. فلا تهزأ بهم بالله عليك .. ولا تدعي أنهم من الموساد .. وأنهم اجتمعوا من أجل وجبة كنتاكي .. أقول لك بأمانة .. استح !
وكذلك أوجه كلماتي إلى المفكرين ممن قفزوا فجأة إلى الصفحات الأولى لجرائدنا .. وجمعوا كل جهودهم في فضائياتنا .. ليسموا أنفسهم .. بالحكماء .. والقادة .. أين كنتم يوم جمعة الغضب .. ألم تقولوا من قبل أن مصر مغيبة .. ألم تشهد فضائياتنا أقوالكم أن شباب مصر لا قيمة له .. أين كانت حكمتكم عندما اجتمع الشباب ليقول لا .. كنت تعتبرونهم من المتهورين والحالمين .. لماذا لم تعتذروا .. لماذا تسمون اليوم أنفسكم بالحكماء .. أين كانت بالله عليكم تلك الحكمة طوال ثلاثين عاماً مضت .. أقول لكم .. تنحوا عن الطريق .. أفسحوا المجال لهؤلاء الشباب ليتحدثوا عن أنفسهم .. ساندوهم ولا تقفزوا على ثورتهم .. أقول لمن يفعل ذلك منكم .. بالله عليك .. استح !
وإلى القيادات التي يذكرها شعب مصر بكل الخير .. وقد يختلف بعض شعب مصر في تقييم مواقف لهم .. ولكننا نجلهم ونقدرهم .. ويتصور حتى بعضنا أنهم يمكن أن يكونوا ضمن رجال المرحلة القادمة .. ضمن حملة مشاعل التغيير .. أقول لهم .. إلى قيادات مصر المحترمة التي بقيت حتى الآن محترمة .. لا تجعلوا من أنفسكم أوصياء على الشباب .. لا تتقدموا صفوفهم .. بل كونوا بينهم .. هناك منكم من بدأ يظهر عليه مزاج اقتناص الفرصة .. والقفز على الثورة .. قولوا له بالله عليكم .. استح !
إلى كل هؤلاء .. وغيرهم كثير ممن يفكرون اليوم بكل اجتهاد في القفز على الثورة .. اتقوا الله في غضبة الشباب .. لا تحاولوا أن تسرقوا عمل غيركم .. ولا دماء شهداء مصر .. شهدائكم .. من يقرأ تاريخ الثورات يعرف أن عقب كل ثورة كان هناك من قفزوا عليها ليسرقوها .. وفي كل تاريخ ثورة .. تم التأريخ لهؤلاء .. وأصبحوا عاراً على أمتهم .. وعلى أسرهم .. وعلى دولهم .. فهل يحب أي منكم أن يدخل التاريخ بصفة .. لص ثورة .. سارق غضبة .. إلى كل من هؤلاء .. لا أملك بعد تلك الكلمات إلا القول .. استح !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق