الثلاثاء، 8 فبراير 2011

الذين ابتلعوا الأجندة فسقطوا شهداء

بما أننا نعيش عصر الأجندة، وحيث إن عقلية ما قبل قتل الشاب خالد سعيد لاتزال مسيطرة، فمن غير المستبعد أن تنتهى التحقيقات الرسمية فى مقتل عشرات من أجمل شباب مصر إلى أنهم لم يموتوا برصاص الشرطة والبلطجية وإنما ابتلعوا الأجندات الأجنبية التى كانوا يخفونها بين طيات ملابسهم وفى تلافيف عقولهم فماتوا.

إن العقلية التى لم تقدم حتى الآن على خطوة محترمة احتراما لدم الشهداء، وتعويض ذويهم، ولا تريد أن تمنحهم لقب شهداء، هى العقلية ذاتها التى مازالت تكابر حتى الآن فى الاعتراف بأن ما بدأ يوم 25 يناير 2011 كان أعظم ثورة فى تاريخ مصر.

إنهم حتى هذه اللحظة يستنكفون أن يسموا ما جرى باسمه الصحيح، فالذى يحبس نفسه فى «نظرية الأجندة» لا يستطيع أن يدرك معنى الثورة الشعبية .

ورغم ذلك هناك من يريدون لنا أن نبصم بالعشرة على أشياء وأشخاص لم نعرفهم ونختبرهم بعد.

قد يكون نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الوزراء أحمد شفيق من أعظم شخصيات التاريخ، لكن مع احترامى للمصفقين لهما والذين يطالبوننا بأن نوقع على بياض ونبصم دون أن نقرأ على إقرار بأنهما الأروع، فإن المسألة تتطلب أن نعرفهما ونختبرهما أولا قبل أن يطلب منا أحد الخروج فى مسيرات التأييد والمبايعة .
إن النائب عمر سليمان تحديدا أمضى عمره المهنى كله تقريبا فى الظل، نظرا لطبيعة عمله، ومن ثم فعندما يخرج علينا أحد ويقسم برأس جده أنه يعرفه جيدا وأنه يرى فيه الأصلح، أو يزعم أن الشعب المصرى كله كان يطالب به رئيسا، فهذا الكلام لا مؤاخذة نوع من «البكش» وحجز المقاعد فى قطار السلطة الجديد.

غير أنه هناك العديد من المدهشات والأشياء غير المفهومة منذ انطلقت الثورة المصرية، منها مثلا تلك المفارقة الصاخة: السيد نجيب ساويرس انتقل فجأة من معسكر البيزنس إلى معسكر الثوار، وهو ذاته الذى شارك فى الحرب الإلكترونية ضد الثوار حين وافق على قطع خدمة الموبايل والإنترنت فى شركته .

ويصيبك بالحيرة والدهشة أكثر أنه فى اللحظة التى كان فيها يجلس مع عمر سليمان نائب الرئيس مفاوضا عن الثورة، كان ساويرس حاضرا أيضا بالاسم فى تحقيقات نيابة الأموال العامة فى بلاغ مصطفى بكرى ضد وزير السياحة زهير جرانة بشأن تخصيص مساحات بغير وجه حق لشركة أوراسكوم التابعة لآل ساويرس.

أنا لا أتهم أحدا ولا أشكك فى نوايا أحد، غير أننا بالفعل أمام لغز محير.. رجل أعمال من بين المتفاوضين على مطالب ثورة شعبية كان أحد أسباب اندلاعها ذلك الزواج الحرام بين السلطة والثروة فى مصر.

والأهم من كل ذلك أن السيد ساويرس لم يظهر فى خلفية مشهد الثورة إلا بعد أن نجحت، مثله مثل كثيرين يأخذونها بالأحضان الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق